فيلم  » تمورثيو ازرو  » عندما يتنبأ الماضي بالمستقبل

  • انتصار قصارة –

تعود بي الذاكرة الى تلك الرسائل التي تلقتها والدتي عندما كلفت بالتدريس في السنة الدراسية 1987-1988بالمدرسة الابتدائية بمدينة «زراوة الجديدة بولاية قابس من تلاميذها والتي كانت تقرأها لي بإستمرار, لتكون,  بداية الطريق مع النبش في ذاكرة التجمعات الامازيغية القابعة هناك في أعالي جبال الظاهر التونسي

بهذه الكلمات بدأ المخرج السينمائي  « شاهين بالريش » حواره معنا حول فيلمه الوثائقي الطويل  « تمورثيو ازرو .. ذاكرة القادم  » الناطق و لأول مرة في تونس باللغة الامازغية

لم يخفي عنا شاهين شغفه بسبر أغوار وتاريخ تونس المنسي ، كما لم يخفي عنا حلمه في نبش الذاكرة الجماعية في تلك المناطق بالذات.  انطلق في الجامعة العامة للسينمائين الهواة بالحامة سنة 2004 الى دخوله الجامعة سنة 2008 لدراسة المونتاج مرورا بجامعة تولوز حيث تحصل هناك  على الماجستير في الأرشيف السمعي البصري و هو الاختصاص الذي ساعده في رسم طريقه وسط الذكريات المنسية 

  » كان هاجس اني نمشي نصور غادي « 

ازرو في اللغة الأمازيغية  هي المنطقة العالية الشاهقة أو المعلقة بين الجبال

منذ  سنة 2012 انطلق « المشروع » كما يحلو لشاهين أن يسميه , لتبدأ رحلة البحث بين صخور تلك القرية المنسية المعلقة بين الجبال في شموخ و التي تروي تاريخ وطن , بحث في كيفية إعادة احياء ماض لم ينسى لدى اهاليه لتكون سنة 2019 أولى خطوات الحاضر نحو مستقبل يستحضر ما في  الذاكرة من معنى

يروي الفيلم حكاية القرى الامازيغية بجبال الظاهر التونسي ويحكي تغريبة أهالي آزرو الذين هجّروا عنها في بداية  السبعينات الى « الزراوة الجديدة » في اطار سياسة الدولة آنذاك   الداعية  لمغادرة القرى الجبلية والالتحاق بالمدينة وركب التطور الذي ستسير عليه تونس ما بعد الاستقلال . قرى جديدة لم يستطع سكانها الجدد الانتماء اليها والاندماج فيها فهي غريبة عنهم بجدرانها و أنهجها وجغرافيتها و حتى تلك المياه الموعودة و التي « تخرج  من الجدران … » في أغلب الأحيان تنقطع عنهم ، ليتذكروا تلك الابار التي لم تتخلى عنهم يوما و كانت ساقية لهم و لمواشيهم و أراضيهم وأساسا لقوتهم ومؤونتهم

من خلال مشاهد الفيلم، يأخذنا المخرج لسبر أغوار ذاكرة سكان قرية آزرو وتفاصيلها، ويستدرجنا لنتماهى مع شخوص الفيلم في حلهم وترحالهم وفي أفراحهم وانكساراتهم وفي حلمهم وغضبهم

 ينطلق استحضار المستقبل في الفيلم بذكرى الربيع الامازيغي في تمزرط سنة 2013،حيث نادى سكان المثلث الأمازيغي في ولاية قابس بإدراج لغتهم في المناهج التعليمية ، وبقراءة تصحيحية لتاريخ تونس الذي يقصي سكان الأرض من الوجود لنجد أنفسنا في أفريل من سنة 2019 في آزرو  حيث كان  » يوم العودة  »  حركة رمزية تسمى بالامازيغية « تويزا » والتي تعني العمل الجماعي أو الاشتراكية الاجتماعية . وفي يوم العودة رجعت الأهالي الى قرية ازرو رفقة أبنائهم و احفادهم حاملين معهم كل ما يلزم لتعبيد الطريق الذي أهملته السلطة وعزل القرية عن أهلها ، حركة رمزية للفت الأنظار الى أمهم المنسية كما يسمونها، ولتلبية نداء أرضهم التي هجروا منها لما يقارب الستين عاما، و زينت القرية وفتحت المنازل المهجورة من قبل أهاليها ليكون كل  المستقبل في حضرة آزرو عروس المدن  ,  و قد شكل هذا الحدث أحد أهم مشاهد الفيلم لربط الماضي بالحاضر الذي يطل على مستقبل المدينة الام

عشر سنوات من العمل

الفيلم استغرق في البحث و الإنتاج عشر سنوات و استغرقت عملية  المونتاج سنتين و نصف وفق ما صرح لنا به المخرج شاهين بالريش ليتوج هذا المجهود في أول عرض عالمي بجائزة أحسن سيناريو بمهرجان تافوست للسينما الأمازيغية بالمغرب و قد عرض هذا الفيلم كذلك في تونس في العرض ما قبل الأول في قرية الزراوة الجديدة و العرض الثاني  في قرية تمزرط بولاية قابس كهدية عرفان من المخرج لسكان القرى الامازيغية

يعود بنا الفيلم الى الفترة الزمنية بين 1943 الى سنة 2021 ليكون ناقلا لأحد مراحل التاريخ التي لم تذكر في الكتب و لينفض الغبار عن محطات طمستها أيادي الدولة في سياسية ممنهجة منذ الاستقلال

 لم يتحصل شاهين بالريش على دعم أو تمويل لينطلق في تحقيق مشروعه الحلم ايمانا  منه بأهمية النضال من أجل الفكرة والوصول الى الهدف . ويعتبر الفيلم نتاجا لمصداقية البحث والفكرة هو و الفريق التقني والفني للفيلم وهم يعبرون سبيل الرحلة لتمورثيو آزرو

 قريبا سيكون الفيلم في قاعات العروض بتونس ليكون اول فيلم تونسي ناطق باللغة الامازيغية وناقل لتاريخ شعوب تأبى الانصياع أو النسيان

منذ  سنة 2012 انطلق « المشروع » كما يحلو لشاهين أن يسميه , لتبدأ رحلة البحث بين صخور تلك القرية المنسية المعلقة بين الجبال في شموخ و التي تروي تاريخ وطن , بحث في كيفية إعادة احياء ماض لم ينسى لدى اهاليه لتكون سنة 2019 أولى خطوات الحاضر نحو مستقبل يستحضر ما في  الذاكرة من معنىمنذ  سنة 2012 انطلق « المشروع » كما يحلو لشاهين أن يسميه , لتبدأ رحلة البحث بين صخور تلك القرية المنسية المعلقة بين الجبال في شموخ و التي تروي تاريخ وطن , بحث في كيفية إعادة احياء ماض لم ينسى لدى اهاليه لتكون سنة 2019 أولى خطوات الحاضر نحو مستقبل يستحضر ما في  الذاكرة من معنى.منذ  سنة 2012 انطلق « المشروع » كما يحلو لشاهين أن يسميه , لتبدأ رحلة البحث بين صخور تلك القرية المنسية المعلقة بين الجبال في شموخ و التي تروي تاريخ وطن , بحث في كيفية إعادة احياء ماض لم ينسى لدى اهاليه لتكون سنة 2019 أولى خطوات الحاضر نحو مستقبل يستحضر ما في  الذاكرة من معنى.

Article précédentOns Jabeur: Un prodige et une précoce qui a galéré et réussi seule.
Article suivantTunisia: President must scrap decree-law undermining free expression and the press