- إنتصار قصارة –
منذ سنة 2018 و مع انتهاء الانتخابات البلدية لتونس و التي نظمت لأول مرة في تاريخ البلاد , تم انشاء مناطق بلدية جديدة و تكريس الاستقلالية المالية و الاستقلالية في القرارات للبلديات , إضافة الى اختصاص البلديات ببعض المهام التي كانت تشترك فيها مع المعتمديات و كان كل هذا وفقا لما جاء بالقانون الانتخابي للبلديات من جهة و وفقا لقانون الأساسي عدد 29 لسنة 2018 المتعلق بالمجلة الجماعات المحلية
و بموجب هذا القانون أصبحت الجماعات المحلية هيكلا منتخبا انتخابا مباشرا من الشعب وفقا لقائمات انتخابية و برامج تهم كل منطقة بلدية
و تعتبر بلدية تونس من أكبر البلديات و أهمها اذ تضم 15 دائرة بلدية, و على قدر هذه الأهمية تنبني البرامج و الاعمال الاستعجالية التي يجب على كل دائرة تحقيقها . و المتجول في مختلف دوائر بلدية تونس يتبين الفرق واضحا و جليا بين الدوائر البلدية القريبة من مراكز السلطة و بين باقي الدوائر
لنا في الدائرة البلدية باب بحر تونس مثال على التمايز بين دائرة و أخرى و بين منطقة و أخرى داخل نفس الدائرة , اذ تعاني الدائرة من نقص واضح في عدد الحاويات المخصصة للسكان على الرغم من توفر الميزانية المخصصة لذلك , إضافة الى نقص كبير في عدد أعوان النظافة أو ما يسمى « بالكناسة » و هو الامر الذي دفع الدائرة الى التعاقد مع عدد من المقاولين الذين يوفرون اليد العاملة لتنظيف الشوارع و هم أولئك الذين نراهم بالأنهج يقتلعون النباتات الطفيلية و يجمعون الاوساخ في شكل مجموعات غير منظمة و دون تقسيم عملي للمهام , و هنا يطرح السؤال لماذا تتجه الدائرة البلدية باب بحر الى التعاقد مع المقاولين عوضا عن تنظيم انتداب لعملة التنظيف في البلدية ؟ و لإيجاد ردا على هذا التساؤل اتصلنا عديد المرات و بتاريخ 19/11/2021 بالسيد فتحي دخيل رئيس الدائرة البلدية باب بحر الا أنه لم يجب على هاتفه
و لا تقف أزمة الدائرة المذكورة على نقص الحاويات او العملة انما تواجه أيضا ازمة في الشاحنات المخصصة لنقل الفضلات اذ و وفقا لمصادرنا لا يوجد الا شاحنتين فقط لهذه المهمة
و المتجول في شوارع هذه الدائرة يلاحظ حجم الازمة التي تعاني منها هذه المنطقة على الرغم من العائدات الهامة للمعاليم الجبائية على العقارات المبنية أو ما يسمى « بالزبلة و الخروبة » و هو معلوم مقابل مجموعة من الخدمات التي تقدمها البلدية من بينها توفير الانارة في الشوارع و تبليط الأرصفة و صيانة قنوات تصريف المياه المستعملة و مياه الامطار , و قد بلغت مداخيل الدائرة في العنوان الثاني لسنة 2021 59.081.700,337 د وفقا لمقال صادر بموقع الجمعية التونسية للحوكمة الجبائية* (تجدون الرابط أسفل المقال ), و لكن في المقابل نجد أن كل هذه الخدمات في الدائرة و غيرها من دوائر بلدية تونس هي خدمات ضعيفة و تكاد تكون غير متوفرة , فمياه الامطار الأخيرة غمرت بعض أنهج منطقة لافيات من بينها نهج النمسا و نهج بنغازي إضافة الى غياب تام الى الأرصفة الصالحة للاستعمال و الأرصفة المعدة لمرور ذوي الاحتياجات الخصوصية . كل هذه النواقص هي شديدة الوضوح لكل من يمر من أمامها الا من المسؤولين بالدائرة و على رأسهم السيد فتحي دخيل الذي يرفض في بعض الأوقات مقابلة المواطنيين في الوقت الذي فرضه هو شخصيا لاستقبال متساكني الدائرة
و توجهنا لمتساكني منطقة لافيات لمعرفة رأيهم في مردود البلدية , فيجيبنا أنور أحد سكان لافيات : أنا لا أرى أي مردود يذكر للبلدية و لا يمكنني فهم دورها طالما انني أرى يوميا الفضلات مكومة أمام منزلي , قد يتحمل المواطن جزءا من المسؤولية , الا أن تقصير البلدية في توفير النظافة اللازمة و الاهتمام اللازم واضح و لا ريب فيه «
و تضيف سيدة أخرى من السكان : » أنا لم أقم بسداد « الزبلة و الخروبة منذ سنوات طالما أنني أعيش في حضرة كوم الفضلات و القمامة و الأرصفة المهشمة «
https://www.atgf.org/archives/6620 *رابط المقال المرجع بخصوص المداخيل
و من خلال هذه الشهادات و الصور لا يمكننا الا أن نقر بغياب وعي المواطن بأهمية احترام وقت اخراج الفضلات المنزلية و ضرورة المحافظة على نظافة الشوارع و ترسيخ مبدأ بيئة نظيفة للجميع و لكن دون تجاهل غياب الدور الأساسي للبلدية على الرغم من توفر مواردها المالية
و تواجه في هذا الاطار الدائرة البلدية ازمة كبيرة تمثلت أساسا في غياب مأوى سيارات بلدي و بتعريفة بلدية مقننة و هو ما يدفع بالمتطفلين الى الاستيلاء على الأرصفة و تنصيب انفسهم مسؤولين على حماية سيارات المواطنين بمقابل , و هنا نتسائل عن غياب دور الهيكل البلدي و عجزه عن تنظيم هذا القطاع و عدم مبادرته لإدماجهم في المنظومة على الرغم من تقبل البعض منهم هذا التمشي اذ يقول أحد الحراس : « لن نرفض انتدابنا بصفة رسمية لدى البلدية «
كل هذه الازمات و العراقيل هي واضحة و جلية للمسؤولين الا انهم عاجزون او ربما يظهرون العجز عن إيجاد الحلول على الرغم من تطبيقها في أماكن أخرى مثل شارع الحبيب بورقيبة
و يبقى السؤال المطروح في هذا الموضوع هو : هل يتغير الوضع اليوم بعد الحاق الجماعات المحلية بوزارة الداخلية و الغاء وزارة الشؤون المحلية ؟ ام أن الازمة ستبقى قائمة في انتظار انتخابات جديدة تسفر عن نواب للبلديات يعملون على الوفاء بوعودهم الانتخابية ؟