- أصيلة بلغيث –
من منا ظنّ يوما أنه يمكن يكون متعايشا مع فيروس نقص المناعة البشري، فالكلّ يتحدّث على أن هذا الفيروس أمر لا يخصه وكأنه بمثابة سرطان معدٍ ينخر الأجساد والعظام وتنتهي به الحياة، حتى صارت مثل هذه الشائعات منتشرة بشدّة وتنقل من جيل إلى آخر على أنها الحقيقة العلمية المطلقة
لم يخطر على ذهن أحد ولو لحظة أن يكون فيروس نقص المناعة البشري قد نًقل إليه دون علمه، فالكلّ يعتقد أن القيام بعلاقة جنسيّة غير محميّة هي السبيل الوحيد للانتقال ولعلّه يتجاهل ذلك عمدا أو سهوا دون اكتراث ووعي بطرق الانتقال الأخرى للفيروس وتناسيا لأعداد المتعايشين الذي تتزايد يوما تلو الآخر
طرق الانتقال
ووفقا لتقارير منظّمة الصحة العالمية، فإن فيروس نقص المناعة البشري ينقل من جسم إلى آخر عن طريق العلاقات الجنسية الغير محميّة سواء كان الاتصال مهبليا أو شرجيا أو فمويا. كما يًمكن أن ينتقل فيروس نقص المناعة البشريّ عن طريق الدمّ بالمشاركة في استخدام الحقن الملوثة بالفيروس كتلك التي يستعملها متعاطو المخدّرات أو
والجدير بالذّكر أن الأم يمكن أن تنقل الفيروس لابنها في صورة لم تتلق العلاج أثناء فترة الحمل، وحتى بعدها حيث يمكن أن تنتقل له العدوى عن طريق الرضاعة الطبيعية وهو ما يشكّل خطرا حقيقيا على صحة الطفل إذا لم تتلق الأم العلاج الأنسب لتقليص نسبة انتشار الفيروس في جسمها لحمايته فيما بعد .استخدام شفرات الحلاقة المستعملة
أخطاء شائعة
يشدّد أطباء الاختصاص على عدم انتقال فيروس نقص المناعة البشري عن طريق اللعاب والعرق والدمع والبول رغم تواجده في هذه السوائل، كما أنه لا ينقل أبدا عن طريق العناق والتقبيل والتصافح بالأيدي والعطس والسّعال وأحواض الاستحمام والسباحة واستخدام المراحيض أو المناشف أو بالأكل مع أو باستخدام أواني مشتركة مع المتعايش بالفيروس
الفيروس بالأرقام
تشير إحصائيات برنامج الأمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة البشري إلى أن عدد المتعايشين في تونس بلغ 6500 شخصا إلى حدود سنة 2019 منهم 80 بالمائة لا يعلمون بأنهم متعايشين مع الفيروس وهو ما يجعل إمكانية انتقاله سهلة وممكنة جدّا
وإلى حدود 2020 بلغ عدد المتعايشين مع الفيروس 2416 متعايشا منهم 487 أجنبيا بصدد تلقي العلاج
ولكنّ الرقم الأخطر أن 84 طفلا من الولادات إلى سنّ الـ14 سنة في تونس بصدد تلقي العلاج، دون احتساب الأعداد الغير مسجّلة
جهود المجتمع المدني
مساع حثيثة من منظمات وجمعيات المجتمع المدني لتوعية المواطنين والإحاطة بالمتعايشين، من بينهم الجمعية التونسية للوقاية الإيجابية في التصدي لهذا الفيروس والعمل الجادّ على حماية المتعايشين لما يتعرّضن له من وصم وتمييز في مختلف رحلات العلاج الأمر، الذي يجعل عددا منهم يتخلى عن العلاج ويمتنع عن التصريح بتعايشه مع الفيروس، وهو ما سيجعلنا تباعا أمام إشكاليات أخرى كاتساع حلقات انتشار الفيروس
ويبقى الحلّ الأمثل هنا وتزامنا مع اليوم العالمي لمكافحة فيروس نقص المناعة البشري/ السيدا ، هو القيام بالتشخيص للتثبت من حمل من الفيروس من عدمه في مرحلة أولى، ثم تلقي العلاج في مرحلة ثانية، والمتاح في أربعة مراكز في مختلف ولايات الجمهورية وهم تونس العاصمة والمنستير وسوسة وصفاقس، والتي تعمل جاهدة على استقبال المتعايشين وتقاسم رحلة العلاج والاندماج معهم وحماية صحتهم النفسية والجسدية
فما تنتظر إذا عزيزي القارئ بعد قراءة هذه الأسطر لحماية نفسك وتوعية أقرباءك ؟