التعليم العمومي في تونس بين الموجود و المنشود

  • انتصار ڤصارة –

انطلقت العودة المدرسية منذ 15 سبتمبر 2023 في ظروف طبيعية وهدوء غير متوقع خاصة بعد التوتر الكبير بين كل من نقابة التعليم الأساسي و وزارة التربية ، الا أن هذا الهدوء بين الطرفين  يخفي غليان وغضب الأولياء حول الوضع العام للتربية والتعليم في تونس إضافة الى المعاناة المادية التي يعيشونها جراء مصاريف العودة والدراسة عموما

تتالت خطابات رئيس الجمهورية المتباهية بالعدالة والمساواة في التعليم العمومي وبمجانيته ووجوبه للجميع في عدة مناسبات انطلقت منذ الأزمة بين نقابات التعليم و الوزارة المشرفة وهو ذات الخطاب الذي تبناه وأكده وزير التربية والتعليم محمد علي البوغديري عند افتتاحه لأول يوم بالسنة الدراسية بمدرسة الطيب المهيري بحي التضامن والذي أكد في تصريحاته على مشاركة كل الوزارات في ضمان هذه العودة المدرسية تحت إشراف رئيس الحكومة وتوصيات رئيس الجمهورية. »

هذا الخطاب الرسمي الذي روجت له الجهات الرسمية في عديد المناسبات قد لا يعكس الواقع المعيشي للتعليم في تونس وفقا للدراسة التي انجزها الأستاذ منير حسين  تحت عنوان  » انفاق المجتمع على التعليم : بين وهم المجانية والإرهاق المادي للعائلة  » ،بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ،وقد نظم المنتدى ندوة صحفية 13/09/2023 لتقديم هذه الدراسة

نشرت الدراسة المذكورة أرقاما و احصائيات تبين الزيادة في أسعار الكتب و الكراسات المدعمة و غير المدعمة وتطرقت أيضا الى تكلفة المسلتزمات الدراسية ومصاريف الدروس الخصوصية التي اعتبرتها الدراسة من أساسيات التعليم في تونس اليوم

بلغت نسبة الزيادة في سعر الكراس المدعم بين سنة 2021 و2023 67%،أما عن الزيادة في أسعار الكتب فقد بلغت 19%  بالنسبة لمستوى السنة الأولى من التعليم الأساسي

وقد اعتبر السيد منير حسين مثل هذه النسب أرهق ماديا المواطن التونسي من العائلات المتوسطة ومحدودة الدخل وأثقلت كاهله ليكون عاجزا عن توفير الأدنى من المستلزمات المدرسية لأبنائهم مع إضافة مصاريف اللباس و النقل

وقد دعا بشدة الى ضرورة تدخل الدولة من أجل التحكم في تضخم الأسعار ومراعاة الفئات الهشة

وقد توجهنا الى الشارع التونسي و حاولنا أن نتعرف أكثر على معاناة العائلات ماديا  في هذه الفترة الزمنية الصعبة فكان الرد كالاتي : « 15 سبتمبر تعود ابنتي الى مقاعد الدراسة رفقة أخيها و الى حدود هذا الحوار لم أتمكن من شراء أي من مستلزماتهم للدراسة ..لم أعد قادرة على توفير المصاريف الكافية في ظل الغلاء المشط و الطلبات اللامنطقية للمعلمين والأساتذة

هكذا عبرت لنا السيدة سنية أم لتلميذين ابنة تبلغ من العمر 16سنة تدرس سنة أولى ثانوي  وابن لم يتجاوز 17 سنة مسجل في المدرسة العمومية للتكوين المهني  

وأضافت السيدة سنية : « أنا لا أرى مجانية في التعليم التونسي تذكر ولا مساواة بين جميع التلاميذ ، فالولي يبدأ في المصاريف انطلاقا من التحضير لعملية الترسيم من طباعة وثائق الى 18الصور الشمسية و الترسيم عن بعد وغيرها،بالأمس تسلمت ابنتي قائمة المستلزمات الخاصة بها والتي كانت تشمل على طلب رزمة من أوراق الطباعة واجبة على كل تلميذ ..اذا كنت غير قادرة على توفير ثمن كتاب مدرسي لابنتي فكيف لي ان أتمكن من شراء هذه الرزمة ،طلبات غير معقولة وتعجز الولي .. »

18لم تكن السيدة سنية الوحيدة التي تشتكي من صعوبة الوضع وعجزها عن تلبية حاجيات أبنائها فحتى السيدة سعيدة القاطنة بولاية منوبة ،عاملة نظافة أم لطفلين وزوجها صاحب إعاقة عاجز عن الحركة ، »التحق طفليها بالمدرسة ولكنها لم تتمكن الى حدود كتابة هذه الأسطر على توفير مستلزماتهم المدرسية عدا القليل الذي تحصلت عليه من إعانات الدولة والذي لا يكفي طفل واحد « وفق ما صرحت لنا به

وأضافت : »لم أعد قادرة على مجاراة الغلاء وأصبحت عاجزة أمام أبنائي عن توفير الأدنى لهم لم نجد عونا من الدولة فالأدوات المدعمة مفقودة و غير متوفرة، وإن توفرت في بعض الأماكن فإننا نتعرض الى البيع المشروط من قبل المكتبات .. »

حملات متعددة من المجتمع المدني من أجل ضمان الحق في التعليم للفئات الهشة

المكتب المحلي للهلال الأحمر بمنطقة دوار هيشر من ولاية منوبة جاهز كالمعتاد من أجل أبناء المنطقة لتوفير احتياجاتهم و مساعدة العائلات العاجزة عن استكمال مستلزمات أبنائها انطلقنا على عين المكان وتحاورنا مع السيد رمزي عزابي كاتب عام مكتب الهلال الأحمر بدوار هيشر وقد صرح لنا  » نحن نعرف جيدا احتياجات أبناء المنطقة بحكم أننا أصلي دوار هيشر أب عن جد ،بالتالي نعرف جيدا عدد العائلات المحتاجة للمساعدة وعلى الرغم مما يشاع على دوار هيشر وتشويه ،الا أن بها شباب واعد يرغب في النهوض بالمنطقة و تحسينها وتقديم الإضافة خاصة مع مكتب الهلال الأحمر بحكم الثقة التي اكتسبها المكتب من المواطنين ،تمكننا من توفير عدد هام من المساعدات للعائلات المحتاجة والتي نتقبلها من السكان في شكل اعانات عينية اذ اننا نرفض رفضا قاطعا قبول أي مبالغ مالية حفاظا على مصداقية عملنا

وقد أضاف السيد رمزي : »نوزع كل ما يأتينا على الفئات المهمشة حسب الأولوية وقد عاينا ارتفاعا في عدد هذه الفئة وحتى أننا سجلنا طلبات من الفئة المتوسطة بينهم موظفين وأصحاب مهن حرة فالعجز المادي اليوم أصبح يضرب جميع الفئات في المجتمع ،نحن نعمل على تغطية هذه الاحتياجات بمجهودات متكاتفة خاصة من الشباب ودعم جيد من صندوق التضامن …جهودنا لا تقتصر على جمع المساعدات بل إنه في سعينا الى ضمان أفضل عودة مدرسية لأبنائنا قمنا بإعادة تهيئة كل من المدرسة الإعدادية والمعهد الثانوي في المنطقة وكالعادة دعم المواطنين لا يزيدنا الا تشجيعا على النهوض بمنطقة دوار هيشر

لم تقتصر حملات الإعانات على منطقة دوار هيشر والهلال الأحمر بل إن عديد الجمعيات قد انخرطت في هذا العمل على غرار جمعية كلام التي أطلقت دعوة قبل انطلاق السنة الدراسية من أجل 18التبرع بمستلزمات العودة المدرسية لفائدة الفئات الهشة في عدة مناطق ولقت الحملة تجاوبا كبيرا من قبل المواطنين والشباب الناشط بالمجتمع المدني الذي لم يتأخر في تلبية النداء

هذا بالإضافة الى عديد المواطنين الذين كانوا جاهزين لتقديم المساعدة وجمع التبرعات ومساعدة عدد هام من التلاميذ في مناطق عديدة من بينهم معتمدية حاسي الفريد مدرسة الهشيم ومدرسة عين سالم من ولاية القصرين في حملة تضامنية أطلقها السيد عادل بنغازي ومجموعة أخرى 18.

Article précédentCLIMAT – COP28 : Pourquoi le miracle n’aura pas lieu ?
Article suivantStella Assange: « La liberté de la presse n’existe pas tant que mon mari Julian Assange est en prison »