بقلم شيراز ثابت
وُلدت أيّام قرطاج السينمائية سنة 1966 من رحِم الانتماء العربي الإفريقي، تحمل رؤية واضحة في مواجهة السينما التجاريّة والاستهلاكيّة، وترفع منذ بداياتها شعارات سينما المؤلّف، السينما البديلة، وسينما الجنوب

هذه التظاهرة أسّست لتقاليد جديدة في الالتزام بالهويّة الفكريّة، وبقضايا العالم الثالث، وكانت صوتًا في مواجهة الاستبداد بكل مظاهره. رؤى ومدارس سينمائية من هنا وهناك اجتمعت تحت مظلّة واحدة

فنّ يحمل موقفًا وحرّيةً ورسالةً
من دورة إلى أخرى، كبرت الأيّام ونمت، وامتلأت شاشاتها بأطياف وألوان سينمائية مختلفة في التوجّهات، موحّدة في الأهداف. كانت – ولا تزال – رسالة المبدع العضوي للعالم، يبوح بها عبر الصورة، يحلم، يحاجج، ويتمرّد

في كلّ دورة، تفتح الأيّام ذراعيها للحياة. تزدان القاعات، وتغصّ بالجمهور، وينخرط الجميع في الرقص على إيقاعها
عروض، مسابقات، ندوات، تكريمات، جوائز… وتتويج بالتانيت، أيقونة الانتصار السينمائي

ومن دورة إلى أخرى، يُرسم نهج سينمائي متفرّد تشرئبُّ له الأعناق، يغري المبدعين من كل البلدان، ويحلم به المتنافسون
تتعانق الأيّام مع الليالي، فيحلو السمر مع نجوم الأفلام: فرجة واعية، نقاش ثريّ، وبهجة سينمائيّة متواصلة
لقد مثّلت ولادتها نقطة مضيئة في تاريخ البلاد وإشعاعًا عالميًا، وأصبح استمرارها إثراءً للمدوّنة السينمائية التونسية والعالمية، وطفرة ثقافيّة نوعيّة لأهل الفنّ والإبداع. أمّا مستقبلها، فهو بوابة نحو جيل “الألفا”، يستقبل طاقاته ويستشرف ملامح سينماه القادمة
إنّها أيّام قرطاج السينمائية… عروس الإبداع التونسي، ومرآة روحه، وحكاية لا تزال تُكتب





